المحرضون المسكوت عنهم ..بقلم :فراج إسماعيل


أظن أن الفيديو الخطير المتضمن تهديدا من أحد القساوسة وعرضه المجلس العسكري في مؤتمره الصحفي أمس "الأربعاء" يعري بعض المثقفين والإعلاميين في مصر الذين يتعاملون بازدواجية لا مثيل لها مع المسألة الدينية.

الفيديو يعري مذيعي برامج "التوك شو" وعلى رأسهم عمرو أديب ومنى الشاذلي ويسري فودة وإبراهيم عيسى وريم ماجد. ويعلق في رقابهم جريمة حرق الوطن.. فهم أشد المحرضين خطرا.. وأول المسئولين عما يحدث لمسلمي ومسيحيي مصر، وعن كارثة ستنهي وحدة الوطن لو استمر ترك الحبل على الغارب لهم.

كيف تجاهل علاء الأسواني هذا التهديد وراح يحرض في مقاله وحديثه لقناة الجزيرة ضد استقرار بلده، باختلاق قصة خيالية عن هدم كنيسة المريناب في ادفو.

أكيد أنه استمع إلى حديث رجل الدين المسيحي الحكيم الأنبا هيدرا أسقف أسوان لقناة "الكرمة" القبطية.. فالحديث أجري معه قبل اندلاع فتنة ماسبيرو، ورفع على "اليوتيوب" بعد اطلاق إشاعات هدم الكنيسة.

لكن علاء الأسواني صم أذنيه ولم يفتحهما إلا للتطرف في القول والتحريض، وتعامل مع إشاعة خطيرة كأنه يكتب رواية على نسق "شيكاجو" أو "عمارة يعقوبيان"!

استغرب كيف يبقى هؤلاء المحرضون طلقاء. كيف يترك أي رجل دين يهدد بالقتل الشنيع حرا دون مساءلة. والله لو قالها شيخ الأزهر ضد المسيحيين لطالبت باعتقاله. لو قالها ياسر برهامي أو حسين يعقوب أو محمد حسان أو الحويني أو صفوت حجازي أو غيرهم من دعاة الإسلام لكنت أول المطالبين بأخذهم إلى السجن.

حرق وطن لا يجوز مهما كانت الدوافع. المطالبة بالحقوق تكون بالسماحة وبالارشاد إلى مواضع الخطى السليمة.. وإلا كيف يمكن أن ننجو من التمزق الذي تحاك خيوطه في الاعتصامات الدينية الدموية والبرامج الفضائية المفتقدة للانتماء الوطني.

سأعرض نموذجين.. الأول للتطرف البالغ في خطره والحارق بناره والقاتل بتحريضه. والثاني للحكمة والسماحة من رجل دين مسيحي نبيل يخشى على بلده وعلى الحياة المشتركة بين جارين عزيزين شريكين في أفراح وأطراح هذا الوطن.

في الفيديو الذي عرضه المجلس العسكري.. يظهر أحد القساوسة في أول اللقطة بجانب القمص فيلوباتير جميل كاهن كنيسة العذراء بفيصل.

هذا القسيس أو الراهب يهدد محافظ أسوان اللواء مصطفى السيد بقوله "المحافظ لو مقدمش إستقالته قبل 48 ساعة هيموت موته شنيعة"!..

لم يستوقف هذا التهديد منى الشاذلي فتبكيه وتذرف دموعها الغالية عليه.. لم يلفت نظر عمرو أديب فيحرك شعر رأسه؟!.. تجنبه يسري فودة الإعلامي المحترف، وريم ماجد، وعلاء الأسواني.. مع أنه تهديد صريح دامغ بالقتل!!

إنه يعني اشعال الحرب الأهلية فورا... الخراب وأكل الأخضر واليابس. يعني حرق الجوامع والمساجد.. اللهم احم جوامع مصر وكنائسها من جرم هؤلاء المحرضين.

يتحدث القمص متوعدا ""المحافظ يقدم استقالته ويتقبض على الجناة.. والكنيسة تتبني.. والمشير في إيده يعمل كده.. ولو معملش كده هو عارف إيه اللي ممكن يحصل".

في الجملة التالية لم أسمع في حياتي رجل دين يتكلم بهذا الأسلوب الذي لا استطيع من فرط التأدب إلا القول بأنه لا يليق ببلطجي من عامة الناس. يقول بالحرف الواحد.. "المحافظ ده كداب.. ييجي يواجهني وأنا أديله باللي في رجلي. ده كداب واحط صابعي في عينيه. هو الماضي على القرار ومعانا ورق.. والمشير قاعد على الكرسي وعارف دي كنيسة.. يبنيها أحسن. بأقول للمشير حل المشكلة بسرعة أحسن".

وهنا نسأل: كيف أعلى الإعلام المنحاز وغير الأمين صوت ذلك التطرف.. وكيف يعلن القمص فيلوباتير جميل مطالبه بالقبض على بعض الدعاة الإسلاميين من أمثال الشيخ حافظ سلامة بتهمة التحريض، فيما هو يسير بجانب قمص يهدد ويتوعد بقتل محافظ أسوان.. وبالذي سيحصل للمشير؟!

ولماذا تجاهل الإعلام كلام رجل دين مسيحي كبير، رغم أنه جرى بثه منذ آواخر سبتمبر على قناة "الكرمة" المسيحية.. لو اهتمت برامج التحريض بابراز حديث أسقف أسوان ما حدثت جريمة ماسبيرو. ما ثكلت أمهات أبناءها الأقباط المغرر بهم، وما ترملت زوجات وتيتم أطفال.. رحمة الله عليهم جميعا.

يقول الأنبا هيدرا أسقف أسوان: من الأساس لم يكن هناك صليب على الكنيسة ولم تكن انتهت بعد، والمسلمون لم يتعرضوا أبدا للأقباط خلال بنائها. وما أثير حول قيامهم بهدمها وإجبار المسيحيين على إنزال الصليب من فوقها ليس صحيحا".

ثم يضيف حسب تسجيله الموجود على اليوتيوب: الكنيسة كانت عبارة عن بيت أو مكان تعارف أهالي القرية على أن الأقباط يصلون فيه في أعيادهم ويقيمون شعائرهم، وبعدما أصبح متهالكا تماما واحتاج إلى ترميم، استغل الأنبا مكاريوس اتصالاته بالأمن والإدارة الهندسية بادفو واستطاع استخراج ترخيص بإحلال وتجديد هذا المكان، وأصبحت كنيسة مار جرجس "إحلال وتجديد".

ويواصل بقوله: "هذا المكان لم يكن له مظهر كنيسة إطلاقا لأنه كان عبارة عن بيت يملكه شخص قبطي بالقرية، فقام الأنبا مكاريوس بازالة البيت تماما، وبدأ في بناء المبنى الجديد على أنه كنيسة، وكان الترخيص بمساحات وارتفاعات معينة، ولكن الأنبا مكاريوس زاد في الارتفاعات عن المنصوص عليه بالترخيص، وهذه حقيقة لا يستطيع أحد إنكارها، وفعل هذا مستندا على أن علاقته بالمسلمين في القرية طيبة جدا، وأنهم متعاونون معه في البناء ووضع الخراسانات ويشجعونه وكانوا دائما يقولون: الله ينور يا أبونا وشد حيلك".

ويقول الأنبا هيدرا: "حينما ارتفع المبنى عن المسموح به وكان الارتفاع في القباب، وفي عيد الفطر الماضي حضر إلى القرية أناس أغراب عنها لزيارة أقاربهم، واستغربوا وجود الكنيسة التي لم يروها من قبل وبدأوا في إثارة أهالي القرية من المسلمين واتهموهم بالضعف، وحدثت بعض المناوشات والانفعالات نتيجة هذه الإثارة، ولكن برغم كل هذا لم يمس المسلمون مبنى الكنيسة بأي أذى ولم يتعرض أي شخص مسيحي أو بيته لأذى، ولم تكن هناك صلبان ولا أجراس وضعت من الأساس ليقوم المسلمون بإنزالها أو إجبار الأقباط على إنزالها".

واختتم حديثه قائلا لقناة كرمة المسيحية: "للأسف خرجت شائعات ملأت مصر ولم يكن لها أي أساس من الصحة، ولم يكن لها أي وجود في قرية المريناب.. والله يسامح الناس اللي طلعت الإشاعات دي، والناس اللي هاجمونا بدون أساس ولا سؤال للتحقق منا".

وبعد هذا الكلام العاقل والحكيم من رجل دين مسيحي كبير والذي تجاهلته فضائيات الفتنة حتى لا تجد ما يعيقها عن اشعال الحريق وتحريض الأقباط.. نسأل: كيف يترك القانون هؤلاء المحرضين يصنعون قنابل الحرب الأهلية طلقاء بلا محاسبة

No comments:

Post a Comment

Followers